كتابة: جيريمي سولت
موقع: شواح (الابادة الفلسطينية)
ترجمة للعربية: جانو سوريا (News About Syria - English)
العصيان المسلح في سوريا يميل نحو حرب أهلية, والكباح يجب ان يوضع على الدعاية الاعلامية التي يتم نشرها عبر وسائل الاعلام الغربية التي يتم تصديقها وتقبلها بدون انتقاد من قبل العديد الذين المفترض ان يكونو على دراية اكبر بالامور.
لذلك نقدم في هذا التقرير عددا من المواقف التي من الممكن ان نناقش من خلالها ما يجري في هذا البلد الشرق اوسطي المقلقل:
- بقيت سوريا دولة مخابرات منذ ان تولى المهيب "عبد الحميد السراج" قيادة جهاز المخابرات كمكتب ثاني في الخمسينات من القرن المنصرم... الدولة الفاشستية التي نشأت في أيام حافظ الأسد الذي تسلم السلطة في عام 1970, كانت قد سحقت بقسوة كل أشكال المعارضة والانشقاق... فاما هو أو هم... فالوجود المتكامل للمخابرات هو واقع أليم في الحياة السورية , ولكن كون سوريا هدف مركزي للاغتيالات والتجسس من قبل اسرائيل و وكالات المخابرات الغربية, وتعرضها المتكرر لهجمات عسكرية, وبما ان مساحات مهمة من أراضيها محتلة من قبل اعدائها الذين ما فتئو يطمحون للاطاحة بها , فمن غير الممكن القول ان المخابرات في سوريا غير ضرورية.
- لا شك بان الاعداد من الناس الذين يتظاهرون في سوريا, لديهم مطالب بانتقال سلمي للدولة الى الديمقراطية, وليس هناك شك ايضا بأن جماعات مسلحة تعمل خلف ستار التظاهر, ليس لديها اهتمام بالاصلاحات.. كل ما يريدون هو تدمير الحكومة.
- لقد شهدنا أعداد كبيرة جدا من المواطنين السوريين يتظاهرون دعما للرئيس و الحكومة... ويبدون استيائهم من عنف المجموعات المسلحة و التدخل الخارجي واستغلال الوضع من قبل حكومات واعلام خارجي... ففي عيون العديد من السوريين, دولتهم مستهدفة مرة اخرى عن طريق مؤامرة دولية.
- مهما كانت حقيقة الاتهامات الموجهة لاجهزة الامن, فان المجموعات المسلحة قد قتلت المئات من الشرطة, الجيش, و المدنيين.. ففي المحصلة, العدد قد يكون حوالي 1000 شهيد في هذه المرحلة.... فمن بين الشهداء من المدنيين, هناك دكاترة جامعات , اطباء, وحتى مؤخرا , ابن المفتي العام للجمهورية... فالمجموعات المسلحة ارتكبت مجازر, كمائن, اغتيالات, هاجمة مباني الحكومة وخربت سكك الحديد.
- يملك بشار الاسد قاعدة شعبية قوية. بالرغم من موقعة في السلطة , فانه من المضلل نعته بالديكتاتور, فالنظام بحد ذاته هو الدكتاتور الحقيقي.. فتغلغل السلطة في سوريا - الممتدة على مدى خمسين عقدا- هي بيد الجيش و المخابرات , وبشكل أخب بيد الحزب الحاكم.. تلك هي المصادر الفعلية لمقاومة التغيير.. فالمظاهرات كانت فرصة بشار الاسد لتمرير رسالة ان النظام يجب ان يتغيير.
- بسبب النطاق الواسع للمظاهرات في مقتبل هذا العام, فالحكومة -اخيرا- اتخذت لنفسا برنامجا للاصلاح, ذلك البرنامج الذي تم رفضه من قبل المعارضة.. التي لم تقم حتى ببادرة لتجربة صدق الحكومة.
- ادعاء المعارضة ان تسلحها ضد الحكومة قد بدء مؤخرا هو عار عن الصحة, فان قتل الجنود, الشرطة و المدنيين حتى في اقسى الظروف قد جرى منذ البداية.
- المجموعات المسلحة تم تسليحهم وتنظيمهم بشكل كامل, فشحنات كبيرة من الاسلحة قد تم تهريبها الى سوريا عن طريق لبنان وتركيا (بومب اكشن, رشاشات, كلاشينكوف, قاذفات ار بي جي, قنابل يدوي من صنع اسرائيلي وعدد كبير من المتفجرات).. من غير المعروف من يقوم بتأمين كل تلك الكميات من الأسلحة, ولكن احد ما يقوم بهذه المهمة.. واحد ما يمولهم.. فالاستجوابات التي تم عرضها على التلفزيون السوري للمقبوض عليهم من الجماعات المسلحة تشير الى توجيهات تيار المستقبل التابع لسعد الحريري, فالحريري هو رجل الواجهة بالنسبة للاميركان و السعودية العربية, يصل تأثيره حتى خارج لبنان.
- يبدو ان المعارضة المسلحة مدعومة من قبل الاخوان المسلمون .. ففي عام 1982 سحقت الحكومة بقسوة مظاهرات قام بها الاخوان المسلمون في مدينة حماه, وقد مات حصيلتها الالاف وتدمر جزء كبير من المدينة... فالاخوان كان لهم هدفان رئيسيان: القضاء على حكومة البعث و القضاء على الحكومة العلمانية لصالح نظام اسلامي.. فمن الجلي انهم يسعون للانتقام.
- تتمتع الجماعات المسلحة بدعم كبير من الخارج بمعزل عن ما هو معروف او مشار اليه, فعبد الحليم خدام, نائب رئيس الجمهورية الاسبق الذي تم نفيه من سوريا و يعيش حاليا في فرنسا, كان يقوم بحملات على مدى السنين لاسقاط حكومة الاسد.. وهو ممول من قببل الاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة .. ناشطين منفيين اخرين من بينهم "برهان غليون" المدعوم من قطر بكونه رئيس المجلس الوطني السوري الذي انشأ في اسطنبول .. غليون, مثل عبد الحليم خدام يعيش في باريس ويقاوم ضد حكومة بشار الاسد.. مجتمعين, بالاضافة ل"رياض الشقفة" المرشد العام للاخوان المسلمين في سوريا, يؤيدون التدخل الخارجي تحت غطاء حقوق الانسان على النمط الليبي (بينما البعض الاخر من المعارضة يعارض هذه الفكرة).. دعم المنفيين واعتبارهم بديل عن الحكومة الحالية شبيه جدا بدعم الولايات المتحدة لمنفيي العراق وايجادها لما دعي بالهيئة التشريعية الوطنية العراقية عقب الحرب على العراق.
- التقارير التي تعتمدها وسائل الاعلام الغربية عن الاوضاع في ليبيا و سوريا مروعة.. فعمليات الناتو في ليبيا كانت السبب وراء دمار كبير وازهاق لارواح الالاف من المواطنين.. الحرب, التي تبعت حرب العراق, هي جريمة دولية كبيرة اخرى ترتكبها الولايات المتحدة , بريطانيا و فرنسا.. فمدينة سرت تم قصفها على مدى اسبوعين دون ان تقوم وسائل الاعلام الغربية بالتنويه لحجم الدمار الذي لحق بها.. فالاعلام الغربي لم يقم باي بادرة في تقصي حقيقة التقارير القادمة من مدينة سرت حول قصف المباني و قتل مئات المدنيين.. فالسبب الوحيد هو ان الحقيقة المرة قد تؤدي بعملية الناتو بأسرها.
- في سوريا, وسائل الاعلام نفسها؟, اتبعت النمط ذاته في فبركة التقارير و المعلومات. فقد تجاهلت, او تخطت الحقائق حول عمليات القتل المنتشرة عن طريق حملة السلاح.. وقد دعت مشاهديها لتكذيب ادعائات الحكومة و تصديق ادعائات الثوار, الذين احيانا يدعون انهم من منظمات حقوق الانسان المتواجدة في اوروبا او اميركا... اعداد كبيرة من الاكاذيب المابشرة قد تم نشرها, كما حدث في ليبيا وسابقا في غزو العراق.. بعض تلك الاكاذيب تم فضحها.. فمواطنين قيل انهم قتلو على يد عناصر الامن, تبين انهم احياء.. فاخوة زينب الحصني ادعوا اختطافها وقتلها و التنكيل بجثتها من قبل قوات الامن, حيث انتشر هذا الخبر على الجزيرة و العربية بشكل مكثف, ولكن تبين بعد ذلك ان كل ما قيل كان كذبا, فهي ما تزال حية ترزق, مع ان الاعلام الان يدعي ان التي ظهرت على شاشة الفضائية السورية ليست زينب وانما شقيقتها التوئم.. الجزيرة, الغارديان و بي بي سي ميزو انفسهم بدعمهم كل شيء قد يسيء الى مصداقية الحكومة السورية.. نفس الاسلوب يتم اتباعه في القنوات الاعلامية الاميركية.. فالجزيرة, خاصة, التي ميزت نفسها بالتقارير حول الثورة المصرية, فقدت كل مصداقية في الاعلام العربي المستقل.
- في سعيهم لتدمير الحكومة السورية, لدى الاخوان المسلمين هدقا مشتركا معه الولايات المتحدة الاميركية, اسرائل و السعودية العربية, الذين وصل خوفهم من الاسلام الشيعة حدا كبيرا في ثورة البحرين.. وثائق ويكيليكس كشفت كم نفذ صبر الولايات المتحدة في مهاجمة ايران.. فكان الهدف البديل هو تدمير العلاقات الاستراتيجية بين ايران, سوريا و حذب الله.. الولايات المتحدو و السعودية يرغبون بتدمير حزب البعث العلوي الحاكم في دمشق لاسباب مختلفة قليلا, ولكن الاهم هو انهم يرغبون فعلا في تدميره.
- الولايات المتحدة تفعل ما بوسعها لحشر سوريا في الزاوية.. فهي تدعم ماديا قادة المعارضة المنفيين.. وقد حاولت (بالغم من فشلها الحلي بفضل معارضة روسيا و الصين) من تقديم برنامج مكثف من العقوبات عن طريق مجلس الامن.. لا شك بانها ستحاول مجددا واعتمادا على تطورات الاحداث, فهي ستحاول, بمساعدة بريطانيا و فرنسا, لتطبيق قرار حظر جوي يفتح المجال لتدخل عسكري.. الوضع مرن, ولا شك بان كل اشكال الخطط الطارئة تم تشكيلها.. فالبيت الابيض ووزارة الخارجية يصدرون بيانات استبدادية بين الفينة و اخرى.. محاولة لاستفزاز الحكومة السورية, السفير الاميركي, بالاضافة للسفير الفرنسي قد سافرا الى حماه قبل صلاة يوم الجمعة.. بالرغم من كل ما هو معلوم عن سوابقهم في التدخل في دول الشرق الاوسط, فمن غير المقنع ان لا يكون لاميركا واسرائيل بالاضافة لفرنسا و بريطانيا, يد في هذه الثورة بغض النظر عن ما هو معروف عنهم مسبقا.
- في حين يركزون على اعمال العنف من قبل النظام السورية, فحكومات الولايات المتحدةو اوروبا (خاصة بريطانيا) تجاهلوا تماما العنف الموجه ضد الحكومة السورية.. وقد شاركتهم تركيا حملتهم ضد سوريا باستمتاع, حتى انها ذهبت الى حد ابعد منهم في مواجهة الحكومة السورية... فعلى مدى عدة شهور, سياسة تركيا الاقليمية (تصفير المشاكل) قلبت رأسا على عقب بشكل مطلق.. بالنهاية, اعارت تركيا دعمها لحلف الناتو في هجمته على ليبيا بعد ان كانت ممتنعة عن ذلك.. وقد خاصمت ايران من خلال سياستها مع سوريا, وبالموافقة, بالرغم من كل المعارضة المحلية, لاستضافة درع صاروخي اميركي , لا يخفى انه موجه ضد ايران.. يقول الاميركان ان معلوماتهم سيشاركونها مع اسرائيل, التي امتنعت عن الاعتذار عن الهجوم على باخرة المساعدات "مافي مرمرة", مما ادى لاقحام العلاقة التركية- الاسرائيلية في اذمة محتمة.. لذلك من سياسة "تصفير المشاكل", لدى تركيا الان سياسة مليئة بالمشاكل مع اسرائيل, سوريا و ايران.
- على الرغم من ان معظم اعضاء المعارضة السورية يعارضون التدخل الخارجي, فان "الجيش السوري الحر" قد اعرب ان هدفه هو انشاء منطقة حظر طيران في شمال سوريا.. منطقة حظر الطيران هذه يجب ان تحصن وتعزز, وقد رئاينا كيف ادى هذا في ليبيا الى الخراب, قتل الالاف من المواطنين وفتح المجال لفترة جديدة من الاستعمار الغربي.
- اذا سقطت الحكومة السورية, فسيتم تصفية كل بعثي و علوي فيها.. ففي حكومة مسيطر عليها من قبل الاخوان المسلمين, فان وضع النساء و الاقليات سيتراجع ويضمحل.
- من خلال تصرف سوريا المسؤول, ومن خلال العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي, فان الولايات المتحدة ما فتئت تحاول تدمير الحكومة السورية على مدى 20 سنة.. فتفكيك الدول العربية المتحدة اضافة للخطوط العرقية و الدينية, كان هدف اسرائيل على مدى عقود.. فاين تذهب اسرائيل, الولايات المتحدة تتبعها.. وثمار هذه السياسة ممكن ملاحظتها في العراق, حيث تم خلق ولاية مستقلة (بالاسم فقط) للاكراد, وتم نص الدستور من قبل الاميركان لفصل شعوب العراق الى اكراد , سنة, شيعة و مسيحين, مدمرين بذلك منطق الربط للقومية العربية..... العراق لم تشهد لحظة سلام منذ ان دخل البريطانيين بغداد في عام 1917.. وفي سوريا, التقسيمات الدينية العرقية (السنة, الاكراد, الدروز, العلويين و المسيحيين) يجعلها عرضة للخطر في نفس الطريق لتعزيز الفتنة الطائفية والتفكك في نهاية المطاف على نمط الدول العربية المتحدة التي حاول الفرنسيون منعها من الظهور منذ عام 1920.
- تدمير الحكومة البعثية, سيكون انتصارا استراتيجيا للقيم الغير مسبوقة للولايات المتحدة الاميركية و اسرائيل. القنطرة المركزية في العلاقة الاستراتيجية بين ايران, سوريا و حذب الله سوف تدمر, وتجعل من حذب الله معزول جغرافيا مع حكومة سنية معادية جارة له, وسيجعل من حذب الله و ايران عرضة لعدوان عسكري من قبل اميركا و اسرائيل.. وبالصدفة, فالربيع العربي المتطور في سوريا قد وضع بين ايديهم دعامة ستمكنهم من تحقيق اهدافهم.
- من غير المحتمل ان تكون الحكومة التي سيسيطر عليها الاخوان المسلمون في مصر و سوريا ان تكون معادية للمصالح الاميركية. فرغبتهم بان يظهروا كعضو محترم في المجتمع الدولي, ومثال جيد اخر للاسلام "المتحضر", ومن غير الستبعد بان تكون حكومة مصرية مسيطر عليها من قبل الاخوان المسلمين ستحافظ على اتفاقية السلام مع اسرائيل لاطول فترة ممكنة (بمعنى اخر, حتى اعتداء اخر واسع النطاق من قبل الاسرائيليين على غزة او لبنان سيجعل من تلك الاتفاقية غير صالحة للتمديد).
- حكومة سورية مسيطر عليها من قبل الاخوان المسلمين ستكون قريبة من السعودية العربية ومعادية لايران, حذب الله و الشيعة في العراق, وخاصة شركاء مقتضى الصدر.. وقد تتشدق على القضية الفلسطينية وتحرير هضبة الجولان, ولكن سياساتها المحددة ستكون معاكسة لسياسات الحكومة التي تحاول تدميرها.
- الشعب السوري مخول للمطالبة بالديمقراطية و ان يحصل عليها, ولكن ليس بتلك الحالة و الثمن.. حتى الان, فان انهاء عمليات القتل والمفاوضات على عملية الاصلاح هي السبيل الوحيد للمضي قدما, وليس العنف الذي يهدد بتقسيم البلد.. مع الاسف, العنف وعدم التفاوض على تسوية هو ما يريده الكثير ممكن في داخل سوريا, وما تريده العديد من الحكومات التي تنتظر وتتحين الفرصة للانقضاض على سوريا.. لا يمكن ان يأتي هذا بأي مكسب للسوريين , منهما توقعوا... فدولتهم تتم قيادتها نحو حرب اهلية طائفية , او حتى تدخل عسكري خارجي, ومما لا شك فيه (الفوضى) على نطاق اوسع من الذي نراه الان.. لن يكون هناك علاج سريع اذا ما تهاوت تلك الدولة او دمرت.. فعلى نسق العراق, وعلى الاغلب على نسق ليبيا, بالنظر للحالة الحالية. فسوريا ستدخل في فترة من الاضطراب الدموي التي ممكن ان تستمر لسنوات.. وكما العراق, مجددا, سيتم اخراجها خارج الحلبة كدولة ذات سيادة ومدافعة عن مصالح العرب, مما يعني بالطبع, مواجهة اميركا و اسرائيل.
- اخيرا, مصالح من تعتقدون ستخدم تلك المحصلة؟؟؟
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.